يشهد الواقع العراقي أزمات متداخلة ومركبة، فمن أزمة الخدمات متمثلة بالشحة التامة في الكهرباء والماء والنظافة في صيف ساخن الى أزمة البطاقة التموينية ومفرداتها الفاسدة والبطالة وانهيار الخدمات الصحية ومرورا بالأزمة الأمنية وانتشار القتل اليومي بالأحزمة الناسفة والمسدس الكاتم والعبوات اللاصقة والسيارات المفخخة بما يعني أزمة وجود وحياة أصبح العديد من كبار المسؤولين في الدولة عرضة للقتل في ظل حماياتهم ، فكيف بالمواطن الاعزل ..!
تراكم الأزمات مع الفوضى السياسية الداخلية والضغوطات الخارجية التي تتعرض لها البلاد من دول الجوار ،أضافة لازمة سياسية كبيرة بدأ نذرها بين الحلفاء والفرقاء في حكومة المحاصصة فأستقالة السيد عادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية وتعليق الحوار والاجتماعات من قبل القائمة العراقية مع دولة القانون وربما أنسحاب العراقية في وقت لاحق ، بعد ستة أشهر من المناورات التي عرفت بها قائمة المالكي ،والتلويح الدائم للتيار الصدري بالانسحاب من الحكومة وسحب الثقة منها في حال أقدمت على التمديد لبقاء القوات الاميركية ، هذه الازمات بمجموعها لاتكشف عن أزمة سياسية في أدارة ملفات الازمات وفشل متواصل من قبل الحكومة وقائمة القانون وحسب ، وانما تعبر عن أزمة سياسية عميقة في بنية العملية السياسية التي أرادت لها الاحزاب الطائفية وبالاتفاق مع الرؤية والتوجيهات الاميركية ان تبنى على أسس طائفية وعنصرية وأقصاء للروح ومنهج المواطنة العراقية ،وهذا ما أعطى قوانين دستورية فاسدة او فاقدة المحتوى لبناء الدولة المدنية الديمقراطية التي تحولت لشعارات فقط ، تجري تحتها أكبر عملية استئصال للحلم العراقي في تحقيق نظام ديمقراطي وحرية مجتمعية تزدهر فيها مشاريع البناء المادي والمعنوي .
لقد تحول شعار الديمقراطية والحرية الى كابوس وطني في ظل الارهاب والممارسات الدكتاتورية للاحزاب المتغانمة على السلطة سواءا على النطاق لوطني العام ام المحافظات التي تهيمن فيها الاحزاب الطائفية والقومية وميليشياتها التي تعمل في السري والعلن ،مع وجود قوانين انتخابية أتفقت عليها هذه الاحزاب بهدف استمرار سيطرتها على السلطة والنفوذوالمال في تقاسم يعلن كل يوم عن صفحة جديدة من صفحات الفساد والانهيار الأخلاقي والانساني والسقوط الوطني التام ، لقد تحول حلم الحرية والسلوك الديمقراطي الى سجون سرية واعتقالات للمتظاهرين وعصابات للقتل بالكاتم ومفخخات للموت الجماعي مع شراهة للسلطة من قبل الاحزاب التي ضربت عرض الحائط حتى مقام المرجعية المقدسة ، ولكثرة ماتبجحت هذه الاحزاب بأنتماءها وطاعتها للمرجعية لكنها تحدت توجيهات المرجعية وحققت مصالحها الشخصية والحزبية ، وتلك فضيحة أخرى حدثت في قصة خضير الخزاعي الوزير الفاشل الذي نصب نائب لرئيس لجمهورية مكافأة لفشله وفساده من قبل قائمة{ القانون } ، متواليات فساد سياسي ترتكبها الاحزاب الحاكمة التي سرقت الوطن بنهم وشراهة لامثيل لهما في التاريخ السياسي للحكومات حتى أوصلت البلاد الى حافة الانهيار وانغلقت آفاق الناس بعتمة اليأس التام وصار الجميع ينظر بحاجة ماسة للعودة للمربع الاول بعد هيمنة أجواء اليأس وتورط الفرقاء السياسيون جميعا في حالة الفوضى والضياع والفساد ،ولعل الكارثة الاكبر ستحل بالبلاد والعباد اذا لم تجر العودة للمربع الاول بتخطيط يضمن عدم عودة حيتان الفساد والدكتاتورية ،وهنا لابد من وجود رقابة ودعم دولي للارادة الوطنية وعدم تكرار ماحدث في السنوات الثمان الماضية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق